أعتبر نفسي شخصاً غير اجتماعيّ، فبطبعي أحاول دوماً الانعزال عن المجموعة والابتعاد عن التجمعات في أي ملتقى، أذكر الأيام الأولى التي انتقلت فيها إلى مدرسة جديدة لأكمل الدراسة الثانوية، في الشهر الأول لم يلحظ أحد وجودي أصلاً، ولكن تغير هذا جذرياً منذ سنتين. ما زلت الشخص ذاته ولكنني أصبحت الآن أكثر قدرة على الاختلاط بالآخرين والتعرف على أشخاص جدد في كل فرصة تسنح لي، ولأكون صادقاً لم يكن هذا التغيير بالصعوبة التي تخيلتها؛ فقد كان كل شخص تعرفت عليه عبارة عن كتاب غزير بالتجارب والقصص الحياتية التي تستحق الاستماع.
ربما السبب الرئيسي لرغبتي بالتغير نحو الانفتاح أكثر على الآخرين واعتناق الاجتماعية كأسلوب حياة كان الدور الذي اضطررت القيام به في ليليوم في فترة ما، الدور الذي يستوجب بدأ الأحاديث وجذب الانتباه وبناء العلاقات مع الآخرين من مختلف المجالات. وبهذا كانت هذه القدرة جزءً مهما ورئيسياً من حياتي الاجتماعية والمهنية في نفس الوقت.
سألخص في هذا المقال أهم الأشياء التي عليك التحلي بها لكسب ودّ الشخص المقابل لك، وكيف يمكنك امتلاك الكاريزما أو سحر الشخصية للتأثير بمن يتحدث معك.
أظهر اهتمامك للمتحدّث
تخيل أن الشخص الواقف أمامك هو الشخص الأخير في هذا العالم، لا يوجد سواكما في المكان، أظهر الاحترام له ولما يقول واستمع وكأنك تنتظر كل كلمة تخرج من فمه. تجنب الالتهاء بأشياء أخرى أثناء حديثه، حاول منع نفسك من النظر للهاتف المحمول، ولا تظهر علامات الملل المختلفة على وجهك أو جسدك، تجنب التثاؤب واللعب بما حولك.
انظر لعينيه بشكل مباشر فهذه إشارة جيدة تعلمه أنك مصغٍ لما يقول، ولكن تجنب التحديق المستمر كي لا يشعر بالقلق والتهديد، حرك نظرك عنه بفترات متقاربة ليكون قادراً على الاسترخاء أثناء الحديث. لا تتردد أيضاً بطرح الأسئلة وطلب التفسير للأشياء التي لم تفهمها، تذكر أن كل ما يقوله مهم وأنك بحاجة لفهم كل شيء بالكامل بطريقة صحيحة.
يقال أن الحضور والانتباه للشخص الذي تتكلم معه هو من أنقى وأكثر أنوع العطاء كرماً وسخاءً.
تجنّب السخرية
ربما تكون هذه النصيحة الأهم بين كل النصائح التي سأذكرها؛ فكّر بالأشخاص الذين لا تحب الحديث معهم أو إخبارهم ما يدور في حياتك، كم واحداً من هؤلاء يتعمد السخرية مما تقول عادة؟ ستجد أن نسبة كبيرة من الناس الذين تتجنبهم هم اولئك الذين يسخرون من كلامك وحياتك وأفكارك، لذا من المهم أن تتجنب التحول لأحد هؤلاء.
حتى وإن كان الموضوع سخيفاً أو مضحكاً أو عديم الأهمية بنظرك، لا تقاطع أو تستهزء بالمتحدث، فقد يعني له الموضوع أكثر مما تعتقد، ومجرد حديثه معك بهذا الموضوع يعني أنه يضعك في مقام عالٍ ويرغب بأخذ رأيك أو طلب مساعدتك، لذا لا تخيب أمله.
أشعر الآخرين بقيمتهم
أثنِ دائماً على ما يقوم به الآخرون حولك، وأشعرهم بأهمية أفعالهم حتى لو لم تكن مهمة بنظرك، أهميتها لهم تكفي لتظهر احترامك لها. بالطبع لا يعني هذا أن تثني على كل شيء وفي أي موقف، كقاعدة عامة؛ أثنِ على الأشياء الجيدة التي تراها، وساعد في تجنب الأشياء السيئة. لا تقدم تقييمات سلبية دون الإشارة للطريقة الصحيحة للقيام بالعمل.
ولو لم يبد هذا مهماً للوهلة الأولى ستجد أن الكثير من الأشخاص يتشجعون أكثر على الحديث ومشاركة آرائهم عندما تشعرهم بقيمتهم وقيمة ما يقومون به، وهذا سيوطّد علاقتك معهم حتماً.
ابتسم
أدمغتنا مبرمجة على الابتسام تلقائياً عندما ترى شخصاً آخر يبتسم أمامها، فعندما ترى شخص يبتسم أمامك سيطلق دماغك هرمون السعادة (الإندروفين) ليحسّن مزاجك تلقائياً. هذا يجعل جو التعارف أقل توتراً ويساعدك على إنشاء العلاقات بسهولة أكبر.
بأي حال، الابتسامة سلاح ذو حدّين، عليك معرفة الوقت الملائم لاستخدامها كي تحافظ على الجدّية في الحديث وتبقي من أمامك مرتاحاً. فكما أن القليل منها يساعد على تخفيف التوتر، الكثير من الضحك والابتسامات التي لا داعي لها تجعل الأجواء أكثر توتراً وتشعر من أمامك بعدم الارتياح.
اضحك على ما يستحق الضحك، تبسم أثناء المصافحة وعندما تلتقي أعينكما، وتذكر أن الابتسامة الصادقة ذات تأثير كبير ويدوم لمدة طويلة.
احرص على أناقتك
لا يعني هذا الحاجة لملابس فاخرة أو مكلفة، يكفي أن ترتدي ملابس ملائمة لك ولشخصيتك، وتنسق ألوان الملابس كي لا تظهر مزعجة لمن ينظر إليك. تهذيب الشعر وترتيبه أيضاً مهم جداً كون الكثير من الأشخاص ينفرون تلقائياً عندما يرون شعراً متمرداً على صاحبه. لا تنس اختيار العطر المناسب والاهتمام برائحة فمك – لا تريد أن يكون الانطباع الأول لأحدهم عنك مرتبطاً برائحة كريهة.
المظهر الخارجيّ مهم جداً في اللقاء الأول، ويشكّل جزءً كبيراً من الانطباع الأولي الذي يشكّله الشخص المقابل عنك، لذا حاول الاهتمام به بدرجة كافية مقارنة بتصرفاتك وأفعالك الأخرى.
لا تخف من ارتداء الملابس الرسمية في المناسبات والمقابلات المهمة، فهي تظهرك بمظهر المهتم وتشير لمن أمامك بأنك جاد بما تفعله.
حافظ على وقارك
حاول تجنب الحركة المفرطة عند لقائك الأول، ولا تتكلم بأمور غير مهمة خارج الموضوع الذي التقيتما لأجله. المواضيع الشخصية ملائمة للأحاديث السريعة والتعارف الاجتماعيّ ولكن حاول تجنّبها في مقابلات العمل. إفصل بين الأحاديث التي تخوضها مع أصدقائك المقربين وتلك التي تخوضها مع زملائك في العمل، فالحديث عن قطتك المريضة أمام صديقك ملائم جداً، ولكن أمام زميلك في العمل أو أثناء اجتماع مهم يجعل من حولك يعتقدون أنك شخصاً غير مستقر نفسياً.
تجنب أيضاً الحديث عن معاناتك بشكل مستمر حتى مع الأصدقاء، الجميع لديهم مشاكل حياتية، لذا حاول أن لا تكون واحداً منها.
مراجع:
- Body Language: Your Success Mantra Book by Dr. Shalini Verma
- Proven Billionaires’ Formula by Adwa AlDakheel
- Social Intelligence: The New Science of Human Relationships by Daniel Goleman
في رأيي الشخصي، أهم نصيحة من هذه النصائح هي تلك الموجودة في آخر سطرين، أعاني من هذا الشئ من كثير من الأصدقاء، وهذا سببه أنني في العادة أستمع لهم بشكل مستمر، ولكن يبقى هناك فرق بين أنني أستمع إليك وأقدّر مشاكلك الحقيقية في الحياة، بل وأحلّها معك إن كان لي مقدرة على مساعدتك، وبين أنك تستمر في إخباري لساعات بأنك مكتئب من غير سبب محدد، أو أنك تريد تعلم الفرنسية في أسبوع، أو أنك من غير حبيبة ويجب أن تحصل على حبيبة، على فكرة: المواضيع المذكورة حصلت لي فعلا مع أصدقاء 😀
هذا صحيح يا علا، هناك ايام صعبة نمر بها نحتاج كثيرا الى التكلم مع احدهم واخراج مابداخلنا غالبا عندما اكون في فترة احباط او اكتئاب اتكلم مع أبي كي اخذ نصيحة منه وإن كنت في حاجة الى الحنان اتكلم مع امي لاني اعمل انهم الشخصين الوحيدين الذين لن يشعرا بالملل من أحاديثنا ومشاعرنا